الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هذاقُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}:قال: {أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ} فهذه الألف ألف الاستفهام دخلت على واو العطف، فكأنه قال: صَنَعْتُم كَذا وكذا وَلمَّا أصابتكم ثم ادخل على الواو ألف الاستفهام.{وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ الله وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ}: قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ الله} فجعل الخبر بالفاء لأَنَّ ما بمنزلة الذي وهو في معنى مَنْ، ومَنْ تكون في المجازاة ويكون جوابها بالفاء.قال: {فَبِإِذْنِ الله وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ} فجعل الخبر بالفاء لأنّ {مَا أَصَابَكُمْ}: الذي أصابكم. وقال: {وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ} لأنَّ معناه: فَهُوَ بإِذن الله وَهُوَ لِيَعْلَم.{الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ}: قال: {الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ} أي: قُلْ لَهُمْ {فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ} وأضمر لَهُمْ.{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}: قال تعالى: {فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} يقول: فَزادَهُمْ قَوْلُهُم إيمانا.{إِنَّمَا ذالِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ}:قال: {إِنَّمَا ذالِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} يقول: يُرْهِبُ النَّاسَ أولِياءَهُ أي: بِأَوّلِيائِهِ.{وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ الله مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَللَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}:قال: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ الله مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ} فأراد وَلا تَحْسَبَنَّ البُخْلَ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ فالقى الاسم الذي أوقع عليه الحسبان وهو البُخْل، لأنّه قد ذكر الحسبان وذكر ما آتاهم الله من فضله فأضمرهما إذا ذكرهما. وقد جاء من الحذف ما هو أشد من ذا، قال الله تعالى: {لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} ولم يقل وَمَنْ أَنْفَقَ مِنْ بَعْد لأنه لما قال: {أُوْلَائِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ} كان فيه دليل على أنه قد عناهم.{لَّقَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ الله فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ}:قال تعالى: {سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} وقد مضى لذلك دهر، فانما يعني: سنكتب ما قالوا على من رضي به من بعدهم أيام يرضاه.{وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}:قال: {لَيُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ يَكْتُمُونَهُ} يقول: استحلفهم لَيُبَيِّنُنَّه ولا يَكْتُمُونَهُ وقال: {لَتُبيِّنَنَّهُ وَلا تَكْتُمونَهُ} أي: قُلْ لَهُم: وَالله لَتُبَيِّنُنَّهُ ولا تَكْتُمُونَه.{لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْاْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.أما قوله: {لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْاْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ} فإِنَّ: الآخِرَةَ بَدَلٌ من الأولى والفاء زائدة. ولا تعجبني قراءة من قرأ الأولى بالياء إذ ليس لذلك مذهب في العربية لأنه إذا قال: {لاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْاْ} فإنَّه لَمْ يوقِعْه على شيء.{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ الله وَالله عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ}:قال: {أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} أيْ: فَاستجاب: بِأَنّي لا أُضيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُم. أدخل فيه {مِنْ} زائدة كا تقول قَدْ كانَ مِنْ حَدِيثٍ و{مِنْ} هاهنا لغو لأَنَّ حرف النفي قد دخل في قوله: {لا أُضِيعُ}. اهـ.
كأن الأكباد لما احترقت بشدة العداوة اسودت. ومنه يقال للعدو: كاشح، لأنه يخبأ العداوة في كشحه. والكشح: الخاصرة، وإنما يريدون الكبد لأن الكبد هناك. قال الشاعر: والتاء والدال متقاربتا المخرجين. والعرب تدغم إحداهما في الأخرى، وتبدل إحداهما من الأخرى، كقولك: هرت الثوب وهرده: إذا خرقه. كذلك كبت العدو وكبده. ومثله كثير.
|